" الحضارة الإسلامية هي البذرة التي صنعت التقدم الحالي في الغرب "
كاتب الموضوع
رسالة
elmajdoub مشرف
عدد الرسائل : 157 العمر : 55 المزاج : نشيط تاريخ التسجيل : 20/07/2008
موضوع: " الحضارة الإسلامية هي البذرة التي صنعت التقدم الحالي في الغرب " الثلاثاء يوليو 29, 2008 4:28 am
تاريـخ ضـائع :الحضارة الإسلامية هي البذرة التي صنعت التقدم الحالي في الغرب
مع دخولنا القرن الحادي والعشرين نسي العالم أو تناسي أن الحضارة الأوروبية التي تتميز بالتكنولوجيا الحديثة قامت في الأصل علي الحضارة الإسلامية التي سادت قبل ألف عام. ونسي العالم أو تناسي أن العلماء المسلمين في ذلك العهد هم الذين اكتشفوا علوم الجبر, وان الأطباء المسلمين هم الذين توصلوا الي علاج أمراض عديدة مثل الربو أو أمراض العيون, وان المسلمين المخترعين هم الذين صمموا الأشكال الأولي للمظلات والطوربيد, وان علماء الفلك المسلمين هم الذين حسبوا حجم كوكب الأرض بدقة شديدة وذلك في الوقت الذي كان فيه الأوروبيون يتصورون أن الأرض مسطحة!!
ولقد جاء الكتاب الجديد الذي صدر أخيرا بعنوان' تاريخ ضائع' للدبلوماسي الامريكي السابق والصحفي الحالي مايكل هاميلتون مورجان يندد بدور الغرب في إساءة فهم تاريخ العرب وقمعه وأحيانا إعادة كتابته بشكل مغاير. ونشر الكتاب ليذكر الغرب مرة أخري بفضل الحضارة الإسلامية علي عالم اليوم مؤكدا أن مساهمة العرب للمعرفة الحديثة لا يمكن عدها أو حصرها ولكي يعيد الي الأذهان مساهمات العرب للتقدم التكنولوجي الحالي من خلال اكتشافاتهم واختراعاتهم وإبداعاتهم علي مدي مئات السنين ابتداء من عام570 ميلاديا الذي وصفه بالعصر الذهبي للإسلام. قدم مورجان في كتابه العلماء والمفكرين الكبار أمثال ابن الهيثم وابن سينا والطوسي والخوارزمي وعمر الخيام وهم المفكرون الذين مهدوا الطريق لعلماء الغرب أمثال نيوتن وكوربرنيك واينيشتاين وآخرون كثيرون.
ولم يكتف الكتاب بذكر العلماء والمفكرين بل ذهب مورجان الي قلب الدين نفسه ليثبت للغرب كيف كان النبي محمد صلي الله عليه وسلم والحكام المسلمون من بعده يدعون الي التسامح الديني والي البحث عن العلم' ولو في الصين'. وقال انه تاريخ اكتمل فكريا أكثر من تاريخ أوروبا المسيحي في نفس الفترة وفيه ازدهر وعمل معا المسيحيون واليهود والهندوس والبوذيون. ويقول مورجان عن الحضارة الإسلامية إنها وضعت بذرة النهضة الأوروبية وجعلت من الممكن انطلاق الشرارة لإرساء الحضارة العالمية.
وإن كان الكتاب موجها أساسا الي الغرب الذي يعمل جاهدا علي تشويه صورة الإسلام والمسلم وتصويره علي انه إرهابي فانه أيضا تذكرة للمسلمين أنفسهم الذين فقدوا ذاكرتهم ونسوا جذورهم وصدقوا مزاعم المتطرفين بان واجبهم المقدس الأوحد هو القضاء علي الكافرين أو مزاعم الغربيين خاصة المحافظين الجدد بأنهم متخلفون عن الركب وان الإسلام دين غير متكافئ مع الحياة العصرية في القرن الحادي والعشرين لأنه يضم عوامل تجعله مناهضا لحرية التفكير والتقدم الاجتماعي والعلمي, وصدق المسلمون تلك المزاعم فضلوا طريقهم وفقدوا الهدف.
حقل الألغام لماذا يخوض مورجان تلك المغامرة التي وصفها بأنها بمثابة حقل للألغام يري الكاتب والدبلوماسي السابق ورئيس مؤسسة' أسس جديدة للسلام' أن فقدان الذاكرة الواعية لحضارة كاملة يعتبر مأساة بل حدثا خطيرا لان كل الحضارات مهما كانت درجة أهميتها هي في نظره' مختبر' للأفكار وللقيم الإنسانية وللأحلام والمآسي ويمكن لنا أن نتعلم منها كلها. ويقول مورجان انه أراد من خلال الكتاب أن يؤكد مقولة الخليفة علي ابن المأمون من أن الفكر والإيمان يمكن أن يكونا شيئا واحدا وانه من خلال انفتاح العقل وترك الإبداع الإنساني يعمل بكامل قواه يصبح من الممكن تحقيق عجائب كثيرة إذ يصبح من الممكن تحقيق' السلام'.
وان كان مورجان قد أراد من خلال كتابه أن ينشر الوعي بالإسلام بين الغربيين فهو يؤكد انه لم يكتبه لكي يأخذ جانبا من هذا الجدل الأكاديمي الدائر ولكن من اجل أن يملأ ما بين سطور التاريخ الاسلامي الذي درسه الغرب ومن اجل إحياء الشخصيات والأحداث المهمة فيه مرة أخري واستحضار الماضي البعيد وربطه بالحاضر ومن اجل أن يوضح كيف يمكن لأفكار ظهرت قبل ألف عام أن يكون لها صلة مباشرة بحياتنا اليوم.
ويركز الكتاب ليس فقط علي المفكرين الإسلاميين في الفترة التي وصفت بأنها العصر الذهبي للإسلام والتي تتركز في بلاد فارس واسبانيا في الفترة من عام632 الي1258 وانتهت بسقوط بغداد ولكن علي' العصور الذهبية العديدة' للفكر الإسلامي التي تألقت أيضا في وسط آسيا وتركيا العثمانية والهند المنغولية واستمرت حتي القرن الثامن عشر.
ويقر مورجان إنه لن يستطيع أبدا أن يفي حق حضارة امتدت1400 عام وتضم اليوم مليار إنسان في كتاب كما انه لن يستطيع أبدا ذكر كل اسم أو الكشف عن كل حدث مهم في تطور هذا العالم الاسلامي. ولكن' تاريخ ضائع' سوف يعطي لهذا التاريخ وهذه الحضارة التي تؤثر في حياة كل الغرب وجها ومعني. وسوف يكشف عن أن الجميع اليوم مسلمين وغير مسلمين مدينون بالكثير لكل هؤلاء المفكرين الذين عاشوا منذ مئات السنين وان تلك الحضارة هي بلا شك جزء من الحضارة الغربية بقدر ما هي منفصلة عنها.
ويأمل مورجان في أن مع استعادة' التاريخ الضائع' يمكن للجميع أن يفهم القضايا الحالية والتي كما يقول لن تحل أبدا بالقوة والعنف. لأن الدرس الأساسي الذي يريد الكاتب أن نتعلمه من كتابه هو أن القوة لا تحل بشكل ايجابي القضايا الخاصة بالروح والنفس سواء كان ذلك يتعلق بالأفراد أو بالحضارات.
القرآن يوصي بالعلم والمعرفة عبر ثمانية فصول ونحو300 صفحة ربط هاميلتون مورجان التاريخ بالحاضر والقضايا المادية بالروحانيات والعلوم الحديثة بالنصوص القرآنية. ويقول مورجان ان وصايا القرآن الكريم ساعدت علي تفتح الفكر والعلم في الحضارة الإسلامية التي كانت علي وشك أن تبدأ وفجرت رغبة في البحث من اجل المعرفة والاكتشاف. ونقل الكاتب الآيات التي تتحدث عن العلم وأهميته وقدم خطبة الوداع التي ألقاها الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم وركز فيها علي رؤيته وأفكاره التقدمية التي تدعو الي المساواة بين الجنسيات وبين الاثنيات وهي نفس تلك الوصايا التي سيعمل الإنسان علي تطبيقها علي مدي ألف عام.
وبعد وفاة الرسول ورغم أن الخلافة كانت السبب في الانقسام بين المسلمين إلا أن الكاتب أشار الي أهمية الحوار والجدل الذي دار في تلك الفترة حول خلافة المسلمين والمشاورات السياسية التي كانت تجري والتي كما يقول سوف تثير قضية' الدولة' و'السياسة'. من بين تلك القضايا أشار الكاتب الي أسلوب اختيار الزعيم ومن الذي يختاره والصفات التي يجب أن يتحلي بها ومدي أهمية اهتمامه بالعلم وبالمعرفة وما هو الدور الاجتماعي والسياسي والروحاني الذي يجب عليه أن يلعبه في المجتمع.
فكانت أولي الأفكار التي سادت في ذهن المسلم السياسي والقانوني هي الأخذ بأغلبية الآراء في اتخاذ القرار وقال مورجان ان تلك الفكرة ظهرت تحت أكثر من مسمي فيتحدث المسلمون أحيانا عن' الإجماع' وأحيانا أخري عن' جمهور' وأحيانا ثالثة عن' الشوري' وهو أكثر أسلوب كان يقدره ويتبعه محمد( صلي الله عليه وسلم).
أما ماذا حدث وكيف قام الإسلام بنشر تلك الأفكار في العالم علي مدي مئات السنين برغم وجود حضارات ودور أكثر ثراء وأكثر قوة في تلك الفترة فذلك هو التاريخ الذي ضاع منا والذي يعيد مورجان اكتشافه للقارئ الغربي.
قام مورجان بتقسيم الكتاب الي المجالات المختلفة من العلوم والفلسفة والفنون والروحانيات فتحدث عن التسامح الديني والتعايش مع الأديان الأخري في الدول التي فتحها الإسلام كما كشف عن الفلسفة والمعرفة في عصر الخليفة بن المأمون ثم عن الحساب والرياضيات التي ازدهرت في القرن التاسع ميلاديا مع الخوارزمي وآخرين وتطور علوم الفلك في بغداد في عصر الخليفة المنصور ثم هارون الرشيد وظهور اسم عمر الخيام الشاعر وعالم الفلك والرياضيات وابن رشد الفيلسوف وعالم الفلك والفيلسوف اليهودي ابن ميمون ز
وازدهار العلوم التكنولوجية والاختراعات في قرطبة في القرن التاسع والتي اشتهر بها عباس ابن فرناس' حكيم الأندلس' والكيميائي جابر بن حيان والطب الذي عرفه الطبري وابو بكر الرازي الذي يعرفه أطباء الغرب حتي اليوم وابن سينا الذي يعتبر اشهر الفلاسفة الأطباء في تلك الفترة وأكثرهم تأثيرا وتحدث مورجان عن العمارة والشعر والموسيقي والفنون التي انتشرت من القدس الي قرطبة ومن الأندلس الي سمرقند ومن اوزبكستان الي أصفهان ومن فارس الي أجرا بالهند ويؤكد الكاتب انه لم يكن من الممكن أن تزدهر الحضارة الإسلامية العظيمة هذه في كل تلك المجالات بدون زعامات مستنيرة ساعدت علي النهضة العلمية في العصور الذهبية.
واليوم يضيع التاريخ. فسقطت الإمبراطورية العثمانية مع نهاية الحرب العالمية الاولي وترددت أصداء سقوطها في كل الأراضي العثمانية وقام لورانس( الملقب بلورانس العرب) بإنشاء دول جديدة وتفتتت البلقان في آتون الحروب الاثنية ومحاولات التطهير العرقي لتنهي فكرة التعايش الديني والاثني التي أقرها السلاطين في الماضي وينتهي التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين بعد الحرب العالمية الاولي في كوسوفا وتتمزق تركيا بين التراث الاسلامي والثورة العلمانية التي قام بها مصطفي اتاتورك .
وتقوم بريطانيا بتخطيط حدود دول جديدة في منطقة الشام فتشكلت العراق والأردن والسعودية وإسرائيل وبينما تعايش المسلمون واليهود والمسيحيون في لبنان وسوريا وفلسطين في ظل الحكم العثماني أصبحت أهم الأحداث التي تتناقلها الصحف ووكالات الانباء هي المعارك والاشتباكات بين مواطني تلك المناطق لتكون تلك المعارك المسمار الأخير في نعش الثقافات المتعددة التي تعايشت يوما ما في نفس المكان.
ويتساءل الكاتب: هل يمكن للبشرية أن تتعلم من التاريخ أم أن الشعوب تنسي ثم تعيد الاكتشاف ؟؟!
" الحضارة الإسلامية هي البذرة التي صنعت التقدم الحالي في الغرب "